بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا شك أن الروافض من أضل الفئات، ويشهد التاريخ أنهم في أكثر الأحوال يتعاونون مع الكفار على المسلمين، وهذا حال كثير من المبتدعة في كل مكان وزمان.
والروافض طوائف شتى، فكل من لم يتبع زيد بن علي منهم كان رافضيًا، فافترقت الشيعة إلى زيدية وإلى رافضة، والرافضة هم الذين يسبون الصحابة الكرام ويطعنون فيهم، أما الزيدية فليسوا كذلك، لكن المذهب الزيدي أيضًا فيه طوائف شتى، والمشهورون الآن في اليمن هم زيدية، ولكنهم زيدية جارودية أصحاب أبي جارود، وهؤلاء خرجوا عن حقيقة المذهب الزيدي وأضحوا كالرافضة.
وغالبًا تُطلق لفظة (الرافضة) على الشيعة الاثني عشرية، الذين يمثلون أكثر الروافض في عصرنا هذا، وهؤلاء ينقسمون إلى: أصولية وإلى أخبارية، أما الأصولية فهم أكثر الشيعة الاثني عشرية، وهم متواجدون في العراق وإيران والخليج العربي ولبنان، أما الأخبارية فلهم وجود أقل.
وأيضًا من الرافضة الفئات الباطنية، من أمثال الإسماعيلية والقرامطة والنصيرية والدروز.
وأيضًا خرج من الرافضة أديان أخرى، مثل البهائية البابية وغيرها.
لذلك يُقال: إن الرفض مادة من مواد الزندقة والكفر، كما أن الفلسفة المعروفة في تاريخ المسلمين كذلك مادة الزندقة.
والتحقيق: إن الروافض ليسوا سواء، فالاختلاف بين طوائفهم في الأصول عظيمة، ويمكن الحكم عليهم كالتالي:
الشيعة الاثنا عشرية الأصولية: فهؤلاء مبتدعة عندهم أقوال وأفعال كفرية كثيرة، لكن لا يكفر أعيانهم، لاسيما عوامهم، من الفرس أو الترك أو العرب أو غيرهم، أما علماؤهم فحكم كل شخص منهم بحسبه، فالأصل فيهم هو الإسلام، ما لم يُعلَم أنهم أتوا بناقض لأصل الشهادتين بحيث لا يبقى عندهم أصل اسم الإسلام بحيث لا يعذرون باجتهاد ولا تأويل، وهذا مثل أن يصحح أحدهم مذهب اليهود والنصارى، أو أن يقول: لا يجب على المسلم إتباع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أو القول بوحدة الوجود أو غير ذلك من الأمور التي تنقض أصل الشهادتين.
وهذا هو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في سياق قبول شهادة الفساق:
كأهل البدع والأهواء الذين لا نكفرهم، كالرافضة والخوارج والمعتزلة ونحوهم، هذا منصوص الأئمة.
الطرق الحكمية في السياسة الشرعية – ط عطاءات العلم، ج١، ص٤٦١.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وقد ذهب كثير من مبتدعة المسلمين من الرافضة والجهمية وغيرهم إلى بلاد الكفار فأسلم على يديه خلق كثير، وانتفعوا بذلك، وصاروا مسلمين مبتدعين، وهو خير من أن يكونوا كفارا.
مجموع الفتاوى (13/ 96).
وأوضح من هذا قول شيخ الإسلام:
فهذه خاصة الرافضة الإمامية التي لم يشركهم فيها أحد لا الزيدية الشيعة، ولا سائر طوائف المسلمين، إلا من هو شر منهم كالإسماعيلية الذين يقولون بعصمة بني عبيد، المنتسبين إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر، القائلين: بأن الإمامة بعد جعفر في محمد بن إسماعيل دون موسى بن جعفر، وأولئك ملاحدة منافقون.
والإمامية الاثنا عشرية خير منهم بكثير، فإن الإمامية مع فرط جهلهم وضلالهم فيهم خلق مسلمون باطنا وظاهرا، ليسوا زنادقة منافقين، لكنهم جهلوا وضلوا واتبعوا أهواءهم، وأما أولئك فأئمتهم الكبار العارفون بحقيقة دعوتهم الباطنية زنادقة منافقون، وأما عوامهم الذين لم يعرفوا أمرهم فقد يكونون مسلمين.
منهاج السنة (2/ 452).
فلاحظ هنا: أنه حكم بالنفاق على الإسماعيلية، أما الإمامية فقال بأن منهم -أي أئمتهم- مسلمون باطنًا وظاهرًا!
وكذا لما سئل عمن يفضل اليهود والنصارى على الرافضة، أنكر هذا، وقال:
كل من كان مؤمنا بما جاء به محمد فهو خير من كل من كفر به، وإن كان في المؤمن بذلك نوع من البدعة، سواء كانت بدعة الخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية أو غيرهم.
مجموع الفتاوى (35/ 201).
والأدلة على كون هذا هو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أكثر مما يمكن ذكره في هذا الموضع.
لكن مثل هذا لا يعصم دماء هؤلاء الفجرة من الرافضة الذين قتلوا الآلاف من أهل السنة في الشام، بل في المسألة تفصيل، فمن جهة أنهم يقتلون أهل السنة، فيجب قتل هؤلاء، ومن ناحية أخرى يجوز قتل علمائهم الذين يدعون إلى بدعهم الكفرية.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا:
وأما قتل الداعية إلى البدع فقد يقتل لكف ضرره عن الناس، كما يقتل المحارب، وإن لم يكن في نفس الأمر كافرا، فليس كل من أمر بقتله يكون قتله لردته، وعلى هذا قتل غيلان القدري وغيره قد يكون على هذا الوجه.
مجموع الفتاوى (23/351).
الشيعة الاثنا عشرية الأخبارية: هؤلاء الصحيح فيهم عندي أنهم كفار أعيانًا، لاسيما علماؤهم؛ لأنهم أتوا بناقض من نواقض أصل الشهادتين، وهو القول بتحريف القرآن الكريم والتزام لوازم ذلك، بحيث عندهم كتاب الله تعالى كالتوارة المحرفة أو الإنجيل المحرف، وهذا كقول الكافر المرتد حسين النوري الطبرسي صاحب كتاب (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب).
الروافض الباطنية كالنصيرية والإسماعيلية والدرزية: هؤلاء بلا خلاف مرتدون منافقون، قتالهم أولى من قتال اليهود والنصارى، ولا تقبل توبة أحد منهم بعد الأسر، بحيث الواجب على أهل السنة قتالهم، ومن أُسِرَ منهم لا تقبل توبته، بل يُقتل لقوله صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه)1.
وهؤلاء بدلوا دينهم، فيتظاهرون بالإسلام ويبطنون الكفر، وهذا معلوم بالتواتر عنهم؛ والعلة في عدم قبول توبتهم هو انهم يدينون بالتقية والكذب.
وقد نقل الكثير ممن جاهدهم في سورية كتبهم التي فيها من الكفر ما لا ليس عند اليهود والنصارى، وقد حصل على كثير من كتبهم -أي النصيرية- الفرنسيون عندما احتلوا سورية، ونُشرِت مؤخرًا تلك الكتب في مكتبة باريس الوطنية، وتلك الكتب أتت بما يوافق ما نُقِل عنهم في كتب المقالات.
وهؤلاء يُظهِرون الرفض والتشيع، ويبطنون الكفر المحض كما نقل عنهم غير واحد من العلماء.
وأكثر هؤلاء الباطنية انتشارا هم النصيرية، وهم منتشرون في بلاد الشام، خاصة في سورية وفي جنوب تركيا، يقدر عددهم الآن بالملايين، ويسمون بالعلويين أيضًا، ومنهم في الأناضول خلق كثير يقدرون بالملايين، وهؤلاء كفار مرتدون أيضًا، وعلويو الأناضول هؤلاء لا يلتزمون بالشريعة، ولا يبنون المساجد، بل يجتمعون في بيوت يسمونها (بيوت الجَمْع)، وتختلف الطقوس الممارسة عند نصيرية الشام عن علوية الأناضول، ولكن يشترك نصيرية الشام في سورية وجنوب تركيا في العقائد والطقوس.
والنصيرية بكل أسف الآن تمكنوا من حكم سورية، ومنهم حاكم سورية الحالي بشار لعنه الله، فهو كافر مرتد يجب الخروج عليه عند القدرة وقتله، وكذلك والده حافظ لعنه الله، وهؤلاء كلهم ينحدرون من قرية تُدعى (القرداحة) هي معقل من معاقل الكفر في الشام.
ويكفيك أن تعلم أنه قد اتفقت كلمة نقلة المقالات على أنهم قائلون بأن الإله له اسم ومعنى وباب، والاسم هو محمد صلى الله عليه وسلم، أما المعنى فهو علي! أما الباب فهو سلمان الفارسي، وذا قول بحلول الله تعالى في علي؛ وقد سمعت بأذني أنشوداتهم التي يقولون فيها بالحرف: (الشمس علي .. القمر علي .. السماء علي .. الأرض علي .. الله علي)2.
وهذا أيضًا رأيته بعيني في كتبهم التي حصل عليها بعض فصائل الثورة السورية من داخل منزل ضابط من ضباط النظام هناك، وكذلك هذا ما يوافق المخطوطات التي نشرتها فرنسا من كتبهم.
وهؤلاء تارة يتظاهرون بأنهم جزء من الشيعة الإثني عشرية، وتارة يقولون بأنهم ليسوا من الشيعة الإثني عشرية وإن كانوا يوافقونهم في بعض الأمور. وهؤلاء النصيرية حكم عليهم أئمة الرافضة الإثني عشرية بالكفر والزندقة، ولم يحكم أحد منهم بإسلام النصيرية إلا الشرذمة المعاصرة من الرافضة، وكذا شرذمة معاصرة من الأشعرية، مخالفين بذلك مذهب جمهور علماء الأشعرية القائلين بكفر النصيرية، وأول من قال بإسلام النصيرية من الرافضة كان موسى الصدر الذي اختفى في ليبيا عام ١٩٨٧م، وكان هذا بطلب من المرتد حافظ الأسد الذي حاول شرعنة حكمه بأن يدعي أن النصيرية مسلمون شيعة، وليسوا فئة باطنية كافرة.
ثم تتابع الرافضة بعد ذلك في الحكم بإسلام النصيرية، مخالفين بذلك علماءهم المتقدمين، وهذا حال الرافضة في أكثر العصور، يوالون الكفار والمرتدين على أهل السنة، وقد رأينا مصداق هذا في الثورة السورية، وكيفت دعمت إيران الرافضية النصيرية في سورية في قتل أهل السنة.
وعامة، لا أعلم على وجه الأرض أكفر من النصيرية والهندوس، فهم فيهم من الكفر والجهل ما لا يكاد يوجد في أي ملة أخرى؛ ولذلك هم بلا خلاف كفار قتالهم أولى من قتال الكافر الأصلي.
وكذا يدخل في حكمهم كافة الباطنية، مثل الدروز والإسماعيلية، وهؤلاء أيضًا موجودون في الشام، وبعض الإسماعيلية ما زالوا في إيران إلى يومنا هذا.
والمقصود: أن كل الروافض الباطنية كفار مرتدون بلا خلاف، وقتالهم أوكد وأهم من قتال اليهود والنصارى.
أما باقي الروافض، من الزيدية الجارودية، فليس لي علم بحالهم ومقالاتهم على التفصيل، وكذلك الشيخية.
- أخرجه البخاري (3017) ↩︎
- رابط أنشودتهم: https://www.youtube.com/watch?v=U3RsouMbL_g
↩︎
تعليقان
سب الصحابة او الانتقاص منهم وحده ناقض من نواقض الإسلام لمخالفته النصوص الصريحة من كتاب الله
هذا تكفير باللازم، وهذا غير صحيح، فالخوارج كفروا الصحابة وفسقوهم ومع ذلك لم يحكم عليهم بالكفر، وكلام الأئمة واضح في هذا.